كتب مصطفى هاني
في الآونة الأخيرة ظهر من يُضِلُّون المسلمين ويصرفوهم عن دينهم رغم مظهرهم الذي يوحي أنهم أهل دين؟ فما علاقة وفاة الشيخ الحويني بهذا؟
نوضحه في هذا المقال
فزع المسلمين لخبر وفاة الشيخ الحويني
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، يُنعي العالم الإسلامي رحيل العالم الجليل والمُحدِّث، أبو إسحاق الحويني، الذي وافته المنية يوم الاثنين، 17 مارس 2025، عن عمر ناهز 69 عامًا، بعد معاناة طويلة مع المرض.
لكن ما الذي يُقلق المُسلمين ويُحزنهم؟ فقد توفى الكثير من الشيوخ وأهل الدين والدُعاة ومن نحسبهم على خير، لم نرى مثل هذا الحزن الذي ساد الأُمة. كما أنه قد حزن من يعرف الشيخ الحويني ومن لا يعرفه.
مُخطئ من يظن أن أبي إسحاق الحويني هو مُجرد شيخ أو داعية أو أي مُسمَّى من تلك المُسميات -والتي لا يُحبها أبي إسحاق الحويني-، فقد كان أبي إسحاق الحويني عالمًا من أعلام هذه الأمة في هذا الزمن، ونجد أصحاب العلم والدين يقولون بأنه أعلم أهل الأرض في هذا الزمن. فانتزاعه من بيننا أشد من انتزاع غيره، وسنرى ذِكر رسول الله لهذا الأمر فيما يلي.
وفاة الشيخ الحويني تُحرِّكنا لمعرفة من هو أبو إسحاق الحويني
حجازي محمد يوسف شريف. هذا هو اسم أبي إسحاق الحويني، أما عن الاسم المشهور به فهو كُنية حيث يعود اسم أبو إسحاق إلى العالم الجليل أبي إسحاق الشاطبي الأندلسي الذي تأثر به الشيخ الحويني. ولقب الحويني فهو نسبةً إلى قرية حُوَيْن بمحافظة كفر الشيخ التي ينتمي إليها الشيخ أبي إسحاق.
كان الشيخ الحويني مُلتحِقًا بكلية الألسن جامعة عين شمس، وتخصص في اللغة الأسبانية. لكن دفعه تأثُّرُه بالشيخ الألباني في علم الحديث إلى التعمُّق في العلوم الشرعية. حتى أصبح في عصرنا هذا مُحدِّث الأُمَّة وعالمها الجليل.
الأثر الباقي بعد وفاة الشيخ الحويني
إن الأشخاص ترجل ويبقى الأثر، وكان الأثر الذي بقي لنا بعد الشيخ الحويني عظيمًا. فقد اجتهد الشيخ أبي إسحاق الحويني واشتُهر بتخصصه في علم الحديث على نهج الإمام الألباني حتى عُرف بـ “الألباني الصغير”. وقد تفرغ الشيخ لتصحيح الروايات وتنقيح الأحاديث، ويشهد له بذلك دفاعه المُستميت عن رسول الله والسنة النبوية.
وقد قدَّم إسهامات جليلة في تحقيق وتخريج العديد من الأحاديث النبوية. فمن أبرز مؤلفاته: “تحقيق سنن ابن ماجه”، و”تحقيق الأربعين الكبرى للبيهقي”. كما عُرف بقدرته على تبسيط العلوم الشرعية ونشرها بين الناس.
ما علاقة دُعاة الضلال بحديث رسول الله ﷺ ووفاة الشيخ الحويني؟
بمجرد قراءة حديث رسول الله ﷺ، نفهم ما علاقة وفاة الشيخ أبي إسحاق الحويني بالدُعاة الذين يُضلِّون المسلمين -عمدًا-، ولِمَ فزع المُسلمون لوفاته وحجم الخُسارة التي تعرَّضت لها الأُمَّة الإسلامية.
فقد قال رسول الله ﷺ: “إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالمًا، اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا، فسُئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا”.
فبالتَّفَكُّر في هذا الحديث نجد أنه عند قبض العالم يظهر مكانه جاهل -ليس بالضرورة في نفس الباب- يُفتي ويدعو في الناس، كما أن الناس يستمعوا له. فيقع الضلال والإضلال.
أما الزلزلة الكُبرى للأُمة فهي لا تقتصر على قبض العلماء وقبض العلم فقط، لكن حين تعلم أن قبض العلم هو أحد علامات الساعة الصُغرى فعليك أن تفزع!!
قال رسول الله ﷺ: “لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج – وهو القتل القتل- حتى يكثر فيكم المال فيفيض”.
ما الواجب علينا بعد وفاة الشيخ الحويني؟
كانت وصايا الشيخ أبي إسحاق الحويني مهمة نافعة للمسلمين حريصة على دينهم وآخرتهم. فقد كان من أهم نصائحه -رحمه الله- أن يهتم المسلم بدراسة العقيدة ومعرفتها وتعلمها. وكان ينصح أن يكون التعلم ليس من المُعاصرين أو الخلف، لكن يكون التعلم أفضل التعلم من كُتُب السلف، فهي الأصل السليم.
وهنا تجد بعض كتب العقيدة على منهج السلف الصحيح.
وفاة الشيخ الحويني في شهر رمضان
إن رحيل هذا العالم الجليل في هذا الشهر المُبارك يجعلنا نُدرك فضل العلماء وأهميته والحرص على التعلم منهم في حياتهم فلا ينفع قراءة الكتب والدراستها دون التعلم من شيخ أو عالم ثقة ذو علم ومنهج سليم.
لذا فلابد أن نستفيق ولا نضيع ما بقي من أعمارنا أو علمائنا ثم نندم على هذا التقصير. ولابد من تعلُّم العلم الشرعي لرفع الجهل عن أنفسنا ونفع أُمَّتنا، ليس للرياء أو التفاخر والجدال، أ, لكي يُقال العالم فُلان والشيخ فُلان.
فكان من عبارات الشيخ الحويني المشهورة: “اخلع نياشينك”. لنبذ التفاخر، وقد خلع هو نياشينه وترك الدنيا بجسده وروحه وبقي عِلمه.
فاحرص على أخذ هذا العلم من العلماء الذين فارقونا واجلس لطلب العلم من العلماء والشيوخ المُعاصرين حفظهم الله وأطال في أعمارهم.