شهدت مصر مؤخرًا واحدة من أكبر عمليات النصب الإلكتروني التي استهدفت المواطنين عبر الإنترنت من خلال منصة FBC للربح.
حيث وعدت المنصة مستخدميها بتحقيق أرباح خيالية من خلال تنفيذ مهام بسيطة مثل التفاعل مع إعلانات ومقاطع فيديو.
وقد أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن ضبط 13 متهمًا، بينهم ثلاثة أجانب، متورطين في الاحتيال على مئات المواطنين والاستيلاء على ملايين الجنيهات.
تفاصيل عملية الاحتيال
ظهرت منصة FBC للربح في أواخر عام 2024، وروجت لنفسها كوسيلة استثمار حديثة تعتمد على نظام المكافآت المالية مقابل تنفيذ مهام محددة عبر الإنترنت.
وسرعان ما لاقت المنصة انتشارًا واسعًا بين المستخدمين، خاصة الشباب الراغبين في تحقيق أرباح سريعة دون الحاجة إلى مهارات أو خبرات معينة.
كانت المنصة تعمل وفق نظام إحالة هرمي، حيث يحصل المستخدمون على مكافآت عند دعوة أشخاص جدد للانضمام، مما أدى إلى انتشارها بسرعة.
في البداية، قدمت المنصة بالفعل أرباحًا رمزية لجذب المزيد من المشتركين، ولكن بعد فترة قصيرة، أغلقت فجأة واختفى القائمون عليها، تاركين الضحايا في حالة من الصدمة والضياع المالي.
دور وزارة الداخلية المصرية في ضبط العصابة
بعد تلقي شكاوى متعددة من المواطنين، أجرت وزارة الداخلية المصرية تحريات مكثفة بالتعاون مع مباحث الإنترنت، حيث تبين أن المنصة تديرها شبكة إجرامية مكونة من 13 شخصًا، بينهم 3 أجانب، قاموا بتأسيس شركة وهمية لممارسة نشاطهم الاحتيالي.
استخدم المتهمون وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة تطبيقات “واتساب” و”تيليجرام”، لنشر إعلانات كاذبة عن تحقيق أرباح مضمونة.
كما قاموا بإنشاء محافظ إلكترونية بأسماء وهمية لاستقبال الأموال من الضحايا. وبعد جمع مبالغ طائلة، أغلقوا المنصة بشكل مفاجئ واختفوا عن الأنظار، قبل أن تتمكن الأجهزة الأمنية من ملاحقتهم والقبض عليهم.
المضبوطات والاعترافات
خلال مداهمة مقرات المتهمين، ضبطت السلطات العديد من الأدلة التي تثبت تورطهم، منها:
– 1135 شريحة هاتف محمول
– عدة هواتف تستخدم لإدارة الحسابات الوهمية
– أجهزة كمبيوتر محمولة تحتوي على بيانات تحويل الأموال
– مبالغ مالية كبيرة بعملات محلية وأجنبية، تقدر بنحو 1.27 مليون جنيه مصري
واعترف المتهمون بتنفيذ مخططهم الإجرامي، مؤكدين أنهم استغلوا شغف الشباب بالربح السريع عبر الإنترنت لإيقاعهم في الفخ، ثم قاموا بتحويل الأموال إلى حسابات خارجية تمهيدًا لتهريبها إلى الخارج.
شهادات الضحايا
تحدث العديد من الضحايا عن تجربتهم المريرة مع منصة FBC للربح، حيث أكد بعضهم أنهم فقدوا مدخراتهم بالكامل، بينما لجأ آخرون إلى الاقتراض أو بيع ممتلكاتهم للاستثمار في المنصة على أمل تحقيق أرباح سريعة.
أحد المتضررين، شاب في العشرينات من عمره، قال إنه استثمر أكثر من 50 ألف جنيه بعدما رأى أصدقائه يحققون أرباحًا صغيرة في البداية، لكنه فوجئ بإغلاق المنصة وسرقة أمواله.
بينما ذكرت سيدة أخرى أنها باعت مجوهراتها لتتمكن من المشاركة في المشروع، لكنها اكتشفت لاحقًا أنها تعرضت للنصب.
تحذيرات رسمية للمواطنين
بعد هذه الواقعة، أصدرت وزارة الداخلية المصرية بيانًا تحذيريًا، دعت فيه المواطنين إلى توخي الحذر من التعامل مع المنصات غير المرخصة التي تعدهم بأرباح غير واقعية.
كما طالبت الجهات المختصة بفرض رقابة مشددة على الأنشطة المالية الرقمية، واتخاذ إجراءات صارمة ضد أي محاولات احتيال مماثلة في المستقبل.
الجانب القانوني والعقوبات المحتملة
بحسب القانون المصري، يواجه المتورطون في قضايا الاحتيال الإلكتروني عقوبات صارمة قد تصل إلى السجن لعدة سنوات، بالإضافة إلى الغرامات المالية الكبيرة، خاصة إذا كانت الجريمة تتضمن التلاعب بأموال المواطنين أو إدارة نشاط مالي غير قانوني.
ومن المتوقع أن تشهد القضية مزيدًا من التطورات خلال الأيام القادمة، حيث سيتم عرض المتهمين على النيابة العامة لمواصلة التحقيقات والكشف عن تفاصيل أخرى تتعلق بالشبكة الإجرامية وأي متورطين إضافيين.
كيف تحمي نفسك من عمليات النصب الإلكتروني؟
للحماية من الوقوع ضحية لعمليات الاحتيال الإلكتروني، ينصح الخبراء باتباع الإجراءات التالية:
– التأكد من شرعية أي منصة استثمارية، مثل منصة FBC للربح، قبل التعامل معها.
– عدم إرسال أموال إلى جهات غير موثوقة أو غير مرخصة.
– الابتعاد عن العروض التي تعد بأرباح ضخمة دون مجهود.
– متابعة التحذيرات الرسمية من الجهات المختصة حول عمليات النصب المنتشرة.
هل الربح من منصة FBC حلال أم حرام؟
تثير منصة FBC للربح تساؤلات حول مشروعية الأرباح التي تحققها، خاصة في ظل اعتمادها على نظام الإحالة الهرمي الذي يعتبره الكثيرون نوعًا من القمار أو الاحتيال.
وفقًا للتعاليم الإسلامية، يجب أن تكون الأرباح ناتجة عن نشاط تجاري مشروع وشفاف، وليس من خلال استغلال الآخرين أو جذبهم للانضمام دون تقديم قيمة حقيقية.
كما أن غياب الترخيص الرسمي للمنصة ووجود عمليات نصب محتملة يجعل من الصعب تحديد ما إذا كانت الأرباح التي يحصل عليها المستخدمون تعتبر حلالًا.
لذلك، من المهم أن يستشير الأفراد المختصين في الأمور الشرعية قبل اتخاذ قرار الاستثمار في منصات كهذه، لضمان عدم الوقوع في فخ الاحتيال ولحماية أموالهم من المخاطر المحتملة.
تبقى هذه الحادثة درسًا مهمًا للكثيرين حول مخاطر الاستثمار في المنصات غير الموثوقة، وأهمية التأكد من مصداقية أي نشاط مالي عبر الإنترنت قبل المشاركة فيه.