كتب: إبراهيم ناجح
أهم تحديات الشباب العربي في القرن الحادي والعشرين
يتعرض الإنسان في مراحل حياته المختلفة لمشكلات وأزمات متعددة، وتختلف نوعية هذه المشكلات وشدتها في كل مرحلة. ويلاحظ المختصون كثرة المشكلات في مرحلة الشباب؛ لذلك، يعرف اللغويون الشباب على أنه البروز والنماء. فتكتسب الأمة صفتها من حجم الطاقة الفاعلة فيها وهي (الشباب) التي يعتمد عليها في النهضة والبناء. على سبيل المثال، يقال: أمة فتية لغلبة نسبة الشباب فيها وقلة المسنين، وأخرى هرمة لغلبة نسبة المسنين فيها وقلة الشباب. نتيجة لذلك، ظهرت مقولة “الشباب عصب الحياة”؛ لذلك تعتبر مرحلة الشباب من أهم المراحل العمرية التي يمر بها الفرد، والتي يشعر بها الإنسان بالاستقلالية. حيث يبدأ الشخص بالاعتماد على نفسه في تأمين مختلف احتياجاته والسعي للحصول على حياة أفضل مستقرة. ومن هنا تأتي ضرورة بحث وتتبع المشاكل التي تعوق تقدم الشباب ومسيرتهم، والتحديات التي يواجهها الشباب في الوطن العربي وخاصة في القرن الحادي والعشرين؛ لأن الشباب يشكلون الأمل المنشود في تجديد بناء الأمة وبعث نهضتها. ومن المسلّم به أن الشباب العربي يعاني من أزمات كثيرة ومتعددة.
ولقد أصبحت هذه التحديات وأزمات الشباب ضخمة للغاية في الوقت الراهن. وخاصة في القرن الحادي والعشرين. وفي هذا المقال سنتناول المشكلات والتحديات التي تواجه الشباب العربي في القرن الحادي والعشرين.
مشكلات وتحديات تواجه الشباب العربي في القرن الحادي والعشرين:
أولا: مشكلة البطالة:-
يواجه الشباب العربي اليوم صعوبة في الحصول على فرص عمل لائقة ومستدامة مع قلة الوظائف الرسمية. وهذا يسبب عدم اليقين بشأن المستقبل والمعيشة غالبًا القلق والتوتر. ويمكن أن تتحول البطالة إلى أزمة مثلها مثل أي تغيير آخر. حتى التهديد بالبطالة قد يكون عبئ وإرهاق. كما أن العمل لمدة محددة والعمل غير المنتظم قد يتسببان على حد سواء في عدم اليقين المالي والعاطفي. فعدم التوافر المناسب للوظائف الجديدة تعيق نمو الشباب الاقتصادي، وتؤثر سلبًا على تطويرهم الشخصي وتحقيق طموحاتهم. بالإضافة إلى ذلك، القدرات والمهارات المحدودة للشباب العربي تعيق قدرتهم على المنافسة في سوق العمل. والبطالة أيضا من مسببات الفراغ. فهي من أكبر مشاكل الشباب أيضا، خاصة في بلادنا الإسلامية. تفتك البطالة بالشباب الذي ينهي دراسته. فيواجه الشارع ولا يجد وظيفة يشتغل فيها ويكسب بها رزقه ويبني أسرته، على سبيل المثال.
لكن لحل هذه المشكلة وتجاوز هذه التحديات، يجب أن نعمل على توفير فرص العمل الجيدة. كما يجب على المجتمع أن يقدم الدعم والتشجيع للشباب في تنمية مهاراتهم وتطوير ذواتهم. من خلال توفير البرامج التدريبية والتعليمية المناسبة.
ثانيا: التعليم وتمكين الشباب في المجتمع:-
تعاني الشباب العربي في القرن الحادي والعشرين من العديد من التحديات التعليمية والتدريبية. التي تؤثر على تنميتهم الشخصية وفرصهم في النمو والتطور.
لأن أحد أبرز هذه التحديات هو صعوبات الدراسة والتحصيل الأكاديمي. ونقص الإرادة والعزيمة الضروريتين لتحقيق النجاح في المجال التعليمي والمهني. فالإرادة والعزيمة تعتبران عاملين أساسيين للنجاح الذاتي والتحقيق الشخصي. فعندما يفتقر الشباب العربي إلى هذين العاملين. قد يجدون صعوبة في التحصيل الدراسي والتفوق في مجالات اهتمامهم. وصعوبة التركيز وقلة الدافعية. كما يمكن أن يتأثروا بتحديات. على سبيل المثال: قلة الانضباط، وعدم القدرة على تحقيق الأهداف الشخصية والمهنية المحددة.
نتيجة لذلك، يجب على الشباب تعزيز قوة الإرادة والعزيمة من خلال تطوير المهارات الذاتية والتفكير الإيجابي. والاستفادة من الفرص التعليمية والتدريبية المتاحة لهم.
ثالثا: المخدرات والإدمان:-
تعتبر مشكلة تعاطي المخدرات واحدة من التحديات الرئيسية التي تواجه الشباب في معظم أنحاء العالم. وتأثيراتها الضارة على الصحة والمجتمع تجعلها قضية تستدعي الاهتمام والبحث الجاد. فقد يواجه الشباب ضغوط من أحد أقرانه أو من نفسه في تجربة المخدرات أو الكحول. وهذا يجعله عرضة للإدمان والتعاطي المستمر. فتوثر على صحته الجسدية والنفسية وعلاقاته الاجتماعية والعقلية.
أسباب سقوط الشباب العربي في مشكلة تعاطي المخدرات:
١- الضغوط الاجتماعية:
غالباً ما يتعرض الشباب لضغوط نفسية واجتماعية من قبيل الأصدقاء أو المجتمع. وقد يشعرون بالضغط للتناسب مع مجموعاتهم أو تجربة المخدرات لتجربة جزء من الثقافة المحلية. وذلك مع توافر المخدرات بشكل واسع، وسهولة الوصول إليها يزيد من انتشار التعاطي بين الشباب. وبالتالي، يجب تكثيف جهود مكافحة التهريب والمبيعات غير القانونية.
٢- الفضول والاستكشاف:
فالشباب يميلون إلى تجربة أشياء جديدة والبحث عن تجارب مثيرة. فالبيئة التي يعيش فيها الشاب تلعب دورًا كبيرًا. إذا كانت هناك توفر للمخدرات في المجتمع أو في المنزل. فإنه من الممكن أن يكون هذا عاملًا مساهمًا.
٣- الهروب من المشكلات والضغوط:
يمكن للشباب اللجوء إلى المخدرات كوسيلة للهروب من مشكلاتهم الشخصية، وأغلبها تكون عائلية. كما يمكن أن تؤثر الظروف الاقتصادية الصعبة والفقر على ميل الشباب نحو تعاطي المخدرات كوسيلة للهروب من الواقع.
٤- قلة الوعي الصحي:
قد يفتقر الشباب إلى توجيه وتثقيف صحي حول مخاطر التعاطي. وهذا يمكن أن يجعلهم عرضة للتجربة دون أدنى فهم للعواقب. بعض الشباب قد يكونون عديمي الوعي بأخطار وآثار تعاطي المخدرات على الصحة والحياة الاجتماعية.
رابعا: التفكك الأسري:-
أثبت الدراسات المختلفة في هذا المجال أن الشباب الذين كانوا يعيشون في بيوت مفككة. كانوا يعانون من المشكلات العاطفية والسلوكية والصحية والاجتماعية بدرجة أكثر من المراهقين الذين كانوا يعيشون في بيوت عادية. وقد ثبت أن غالبية المطرودين من المدرسة؛ بسبب سوء التكيف كانوا من بين أبناء البيوت المفككة. كذلك اتضح أن الشباب الذين انفصل أبواهم أو طلقا ظهر عندهم ميل شديد للغضب ورغبة في الانطواء. كما كانوا أقل حساسية للقبول الاجتماعي وأقل قدرة على ضبط النفس وأكثر ضيق. كما أن الشباب الذين ينشأون في أسرة مفككة أو تعاني من عدم التوافق يعانون من التوتر النفسي، ويعبرون عن توتراتهم النفسية بطرق متعددة، كاستجابات التردد والقلق والعنف في اللعب، والأنانية والتمركز حول الذات وفقدان الثقة بالنفس وكراهية التعلم واضطرابات سلوكية. مثل: اللجاجة، والانسحابية، والسرحان، والخجل.
ولحل هذه المشكلة يجب المرونة بين أفراد العائلة والتواصل والالتزام بالعائلة، وممارسة الأنشطة معًا. وإظهار الحب وتبادل المشاعر وتقبّل الاختلافات.
خامسا: الغزو الغربي الثقافي:-
فأخطر ما تواجهه الشباب في الوقت الحاضر هو ما يسمى بالغزو الثقافي. بأسلحته المتنوعة من كتب وإذاعات وصحف ومجلات، وغير ذلك من الأسلحة الأخرى. وهكذا، فإن الغزو الثقافي هو نوع من أنواع الاستعمار الفكري العقلي الثقافي، أكثر منه استعمار جغرافي مكاني. ولكن كانت الدول والشعوب العظمى تمارسه قديمًا جبرًا وعن طريق استخدام القوة العسكرية الغاشمة. إلا أنها في عصورنا الحديثة صارت تُمارسه بدون تلك الممارسات العسكرية القديمة.
فيُعد الغزو الثقافي أحد أهم الأدوات الأساسية للاستعمار. نتيجة لذلك يُمارس المُستعمِرين الغزو الثقافي بدافع إيمانهم بفوقية وأفضلية ثقافتهم. وبحجة تطهير المُستعمَرين من عاداتهم وأعرافهم غير المتحضرة بزعمهم.
كما أنّ الغزو الثقافي من أفضل طرق التقليل من مقاومة المُستعمَرين بالقضاء قدر الإمكان على كل آثار ثقافتهم. وكل ما يُعزز من مظاهر وحدتهم. فالأخذ بأفكار الغرب المتقدم وتبني أساليب الثقافة الغربية. أدى هذا الطريق المظلم والثقافة الغربية إلى ترك قيمنا ومبادئنا وتقاليدنا وضياع شبابنا. وانتشرت الجريمة والعنف بين أبنائنا في البيوت والميادين والشوارع ومدارسنا وجامعاتنا. وكل ما يحدث من عنف وجرائم، والسبب الأساسي فيه هو الغزو الثقافي.
ومن هنا نستخلص أن هم مشاكل وتحديات تواجه الشباب العربي في الوقت الراهن:
الفراغ، والبطالة، والخوف من المستقبل، والحياة المقبلة، والفقر، وإحساس الشباب بعدم صلاحيتهم في المجتمع. بسبب التفكك الأسري، وتأخّر الزواج، والحروب، والمشاكل السياسية، والفتن الدينية والمذهبية والطائفية، وغزو الثقافات المختلفة، وتسلل المدنية الغربية إلى ثقافتنا.
وبالتالي تأثر الشباب بهذه الثقافات وإحساسهم بالانتماء إليها. بالإضافة إلى رفقاء السوء، مع عدم إدراك قيمة الوقت، سوء التخطيط للحياة المستقبلية. وعدم معرفة الشغف والهدف الذي يريده الشاب من هذه الحياة. دون أن ننسى غلاء المهور الذي أدى إلى عزوف الكثير من الشباب عن الزواج ولجوئهم إلى العلاقات المحرمة.