أخبار عربية

تحرير السودان من قوات الدعم السريع.. بعد صراع على النفوذ ومستقبل البلاد

تحرير السودان وقوات الدعم السريع: صراع على النفوذ ومستقبل البلاد

 

يشهد السودان منذ سنوات حالة من عدم الاستقرار السياسي، حيث تسعى البلاد إلى التحرر من إرث الأنظمة العسكرية التي سيطرت على الحكم لعقود. مع سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير في أبريل 2019، دخلت السودان مرحلة انتقالية معقدة تشمل صراعات بين القوى السياسية والعسكرية في البلاد.

 من بين تلك القوى البارزة على الساحة السودانية، حركة تحرير السودان وقوات الدعم السريع. في هذا المقال، سنلقي نظرة على أصول هاتين القوتين، وتأثيرهما على مستقبل السودان.

 

حركة تحرير السودان و النضال من أجل العدالة والمساواة

 

حركة تحرير السودان هي واحدة من أبرز الحركات المتمردة التي ظهرت في دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. تأسست الحركة في عام 2003 كاستجابة للتمييز والتهميش الذي تعانيه مناطق دارفور في غرب السودان. الحركة تنادي بالعدالة والمساواة وتوزيع السلطة والثروة بشكل عادل بين جميع السودانيين، بعيدًا عن سيطرة المركز (الخرطوم).

 

برزت حركة تحرير السودان كقوة متمردة رئيسية إلى جانب حركات أخرى في دارفور مثل حركة العدل والمساواة، ودخلت في مواجهات عنيفة مع الحكومة السودانية في إطار الصراع الدامي في دارفور، والذي أودى بحياة الآلاف من المدنيين وأدى إلى نزوح الملايين. رغم الجهود الدولية والمحلية للتوصل إلى سلام في دارفور، إلا أن الوضع لا يزال معقدًا، خصوصًا مع انقسام الحركة إلى عدة فصائل، أبرزها فصيل عبد الواحد نور.

 

قوات الدعم السريع من مليشيا إلى قوة عسكرية مؤثرة

 

قوات الدعم السريع هي قوة شبه عسكرية ظهرت في السودان كامتداد لمليشيات الجنجويد، التي لعبت دورًا رئيسيًا في الصراع في دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. تأسست هذه القوات رسميًا في عام 2013 تحت قيادة محمد حمدان دقلو  المعروف بـ “حميدتي”، الذي كان من أبرز زعماء الجنجويد.

 

على الرغم من أن قوات الدعم السريع بدأت كأداة في يد نظام عمر البشير لقمع التمردات الداخلية، إلا أنها نمت بسرعة لتصبح قوة عسكرية مؤثرة على مستوى البلاد. حميدتي وقواته لعبوا دورًا مهمًا في الإطاحة بالبشير، وبعد سقوط النظام، تحولت القوات إلى عنصر فاعل في المشهد السياسي السوداني.

 

قوات الدعم السريع تتميز بقدراتها العسكرية الكبيرة، وتواجدها في العديد من المناطق الحساسة في السودان. حميدتي بات أيضًا شخصية سياسية بارزة، وأصبح نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، مما أعطى قواته نفوذًا سياسيًا وعسكريًا كبيرًا.

 

الصراع بين الجيش والدعم السريع.. سباق للسيطرة

 

بعد الإطاحة بالبشير، تشكلت حكومة انتقالية في السودان تجمع بين المكونين العسكري والمدني. لكن الخلافات داخل هذه الحكومة بدأت تظهر بسرعة، خاصة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، يتنافسان على النفوذ والسلطة في البلاد.

 

التوترات بين الجيش والدعم السريع تزايدت على خلفية محاولة تنفيذ إصلاحات سياسية وعسكرية خلال المرحلة الانتقالية. إحدى أهم نقاط الخلاف كانت مسألة دمج قوات الدعم السريع ضمن الجيش النظامي، وهو الأمر الذي رفضه حميدتي، معتبرًا أن قواته قوة مستقلة ذات نفوذ خاص.

 

تحرير السودان والدعم السريع و تقاطع المصالح

 

في الوقت الذي يتصارع فيه الجيش وقوات الدعم السريع على النفوذ، فإن حركة تحرير السودان وغيرها من الحركات المسلحة، خصوصًا في دارفور، تبقى جزءًا من المشهد. هذه الحركات تسعى إلى الحصول على مكاسب سياسية واقتصادية خلال المرحلة الانتقالية، بعد سنوات من التهميش والصراع المسلح.

 

في بعض الأحيان، تتقاطع مصالح الحركات المسلحة مع قوات الدعم السريع، حيث إن كلا الطرفين يسعى إلى توسيع نفوذه وتحقيق مكاسب سياسية. ومع ذلك، فإن التحالفات داخل السودان هشة ومتغيرة، وقد تتغير العلاقات بناءً على التطورات الميدانية والسياسية.

اقرأ ايضا: اغتيال حسن نصر الله

مستقبل السودان و الطريق إلى الاستقرار

يواجه السودان اليوم تحديات ضخمة في طريقه نحو التحرر والاستقرار. التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع يهدد المرحلة الانتقالية، ويزيد من تعقيد عملية بناء نظام سياسي مدني وديمقراطي. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحركات المسلحة مثل حركة تحرير السودان لا تزال تلعب دورًا في رسم مستقبل البلاد، سواء من خلال المفاوضات السياسية أو التواجد الميداني.

 

المجتمع الدولي يلعب دورًا مهمًا في دعم عملية الانتقال الديمقراطي في السودان، ولكن الاستقرار الداخلي يبقى مفتاح الحل. يجب أن تسعى جميع الأطراف السودانية إلى الحوار والتفاوض من أجل تجاوز الانقسامات وتحقيق العدالة والمساواة لجميع المواطنين، بما في ذلك تحقيق مطالب المناطق المهمشة مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.

 

 حركة تحرير السودان وقوات الدعم السريع ، كلاهما يمثل جزءًا من الصراع الداخلي في البلاد، ولكنهما أيضًا جزء من الحل إذا تم التوصل إلى توافق سياسي شامل يعالج جذور الأزمة السودانية.

تابعونا على صفحتنا في فيسبوك من هنا

 

يمكنكم متابعتنا على يوتيوب من هنا

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى