\
مقالات

حياة تحت الحصار

كتبت: تقى سيد

تعد فلسطين دولة ذات أهمية كبيرة سياسيًا واقتصاديًا بالإضافة إلى أهميتها الدينية الكبيرة فدولة فلسطين عربية أصيلة حيث تحتفظ بإرث حضاري عربي منذ القدم يمتد لآلاف السنين حيث يوجد بها المسجد الأقصى وهو أولى قبلة المسلمين في صلاتهم كما أنه ثالث المساجد منزلة ومكانة في الإسلام بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي.

حياة تحت الحصار
حياة تحت الحصار

إضافةً إلى أن فلسطين مهد لجميع الأنبياء منذ أبو الأنبياء” إبراهيم عليه السلام” الذي قام ببناء المسجد الأقصى عند موضع الصخرة المقدسة، كما عاش على أرض فلسطين أغلب الأنبياء منهم: يوسف والأسباط ولوط ويعقوب وزكريا وصالح ويحيى وسليمان وداود وإبراهيم وعيسى وإسحاق بالإضافة إلى أنه على أرضها كان كثير من أنبياء بني إسرائيل يعيشون بها.

كما كانت رحلة الإسراء والمعراج لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم من مكة وكان المِعراج إلى المسجد الأقصى فكان المسجد الأقصى بوابة السماء إلى الأرض.

قال تعالى في كتابه العزيز:-
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى} [الإسراء:1]

كما أن بعض أهم البلدان في فلسطين سُميت بأسماء بعض الأنبياء كمدينة “الخليل” نسبتًا لنبي الله إبراهيم عليه السلام.

وهذا يثبت أن جذور العرب تمتد في فلسطين من العصور القديمة حيث أن القبائل العربية عاشت في فلسطين وأسسوا قرى ومدن عربية في داخلها وبمرور الوقت أصبحت الهوية العربية هي الأصل بداخل فلسطين وأصبحت فلسطين من المدن العربية الإسلامية جزء لا يتجزأ منها.

ولكن في أوائل القرن العشرين سقطت فلسطين تحت الاحتلال البريطاني لتتحول فلسطين من أرض عربية حرة لفلسطين المحتلة.

فمن هي الصهيونية ومتى ظهرت؟

ظهرت الصهيونية في وسط وشرق قارة أوروبا وكان ذلك في أواخر القرن التاسع عشر وكانت الصهيونية آن ذاك عبارة عن حركة سياسية وقامت هذه الحركة الصهيونية بدعوة اليهود ليقوموا بالهجرة إلى أراضي فلسطين إدعاءًا منهم بأنها أرض آبائهم وأجدادهم، فكيف لهم أن يقوموا بهذا الإدعاء وهي أرض مقدسة ومهد الأنبياء؟

علاوة على ذلك في عام 1897 أُقيم المؤتمر الصهيوني الأول الذي كان في بازل وكان هدف الحركة الصهيونية في هذا المؤتمر هي أن يتم إقامة دولة لليهود وتم وقوع الاختيار على أرض فلسطين التي كانت في وقتها تحت جزء من الدولة العثمانية وكانت بحكم محلي أي (ولاية) وكانت فلسطين آنذاك مأهولة بالفلسطينيين العرب ، وشكلت اليهود نسبة أقل من 8%.

لم تكتفي الحركة الصهيونية للهجرة لفلسطين فقط بل قامت بإنشاء دولة بها وكانت هذه الدولة ضمن أراضي الدولة العثمانية.

ففي عام 1917 قام وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور بإرسال رسالة إلى البارون ليونيب وولتر دي روتشيلد يؤيد فيها بريطانيا ويتعهد لإقامة وطن قومي لليهود داخل فلسطين العربية وقام بإضافة ملاحظة وهي أن لا يُمس الحقوق المدنية والدينية أحد لغير اليهود في فلسطين وذلك عرف فيما بعد بوعد بلفور.

الثورة الشعبية في فلسطين عام 1936

1936 كانت الثورة الفلسطينية الكبرى التي كانت بمثابة أكبر الثورات الشعبية التي أقامها الشعب الفلسطيني ضد المستعمرين اليهود المهاجرين إلى فلسطين والإنجليز استمرت هذه الثورة ثلاث سنوات متواصلة اِنتهت عام
1939 وكانت تلك الثورة في زمن الانتداب البريطاني على فلسطين.

ثم تم إعلان إضراب عام ضم هذا الإضراب معظم المدن العربية الفلسطينية وكان ذلك بعد وفاة الشيخ عز الدين القسام في جنين على أيدي الشرطة البريطانية.

تقسيم فلسطين

تم الانتهاء من الانتداب البريطاني على فلسطين وذلك بعدما أطلقت الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة الموافقة على قرار تقسيم أراضي فلسطين وكان ذلك بتاريخ 29 نوفمبر 1947 وتم تقسيم أراضي فلسطين لثلاث كيانات جديدة فتم إنشاء دولة يهودية وأخرى عربية في أراضي فلسطين أما عن مدينة القدس وبيت لحم فوقعت تحت الوصايا الدولية في منطقة خاصة.

بعد تحول عصبة الأمم لهيئة الأمم المتحدة الذي كان بعد الحرب العالمية الثانية قامت الأمم المتحدة بطلب إعادة النظر في صكوك الانتداب التي قامت عصبة الأمم بمنحها للإمبراطوريات الأوروبية بالإضافة إلى أنها وصفت الانتداب البريطاني على فلسطين أنه من أكثر القضايا تعقيدًا و أهمية.

الحياة السياسية قبل عام 1948

كان الوعي السياسي في فلسطين ملحوظًا في الدولة العثمانية حيث بدأ الوعي مبكرًا حيث كان للفلسطينيين أدوار ملحوظة في الدولة العثمانية كان في مجلس المبعوثان ممثلون من أهل فلسطين ومجلس المبعوثان تم انتخابه في أعقاب صدور الدستور وكان سعيد الحسيني وروحي الخالدي وحافظ السعيد مندوبين عن لواء القدس إضافة إلى أسعد الشقيري الذي كان لواء عن عكا و والشيخ أحمد الخماش كان لواء عن نابلس.

للفلسطنيين المثقفين دور هام في مواجهة الهجرة اليهودية لبلادهم والتصدي لسياسة التتريك علاوة على ذلك قاموا بتأسيس 17 من الأحزاب السياسية والمنظمات لتقوم بالتعبير عن آرائهم ويدافعون عن حقوقهم الوطنية وارتبطت كثير منها بالأمة العربية وقضايا المنطقة.

من أمثلة الأحزاب والتنظيمات: حزب الائتلاف الوطني، الجمعيات الإسلامية المسيحية، حزب الزراع الفلسطيني، الحزب الشيوعي الفلسطيني (عصبة التحرير الوطني)، حزب الاستقلال العربي، الحزب العربي الفلسطيني، الحزب الحر الفلسطيني، جماعة الإخوان المسلمين، مؤتمر الشباب العربي.

حياة تحت الحصار
حياة تحت الحصار

الحركة الصهيونية الحديثة ومن هو قائدها؟

الحركة الصهيونية الحديثة كانت مرتبطة بشخص كان يدعى “هرتزل” وهو يهودي من أصل نمساوي والذي كان يُعد لهم بمثابة الداعية الأول للفكر الصهيوني الحديث فكانت آرائه تقوم بها الحركة الصهيونية في العالم أجمع حتى وصل إلى إقامة دولة إسرائيل وكان ذلك عام 1948م وتم عقد المؤتمر الأول للحركة الصهيونية في سويسرا ببازل وكان هدف ذلك المؤتمر هو أن يقوموا بتطبيق الصهيونية بشكل أساسي على فلسطين بالإضافة إلى تسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين كما قاموا بدعم المشاريع الاقتصادية اليهودية فذلك المؤتمر جعل الطريق ممهدًا إليهم كما أن باب فلسطين فُتح أمام اليهود.

وبعد إنشاء الكيان الصهيوني تم وصول 25 ألف يهودي إلى فلسطين كانوا يقيمون في معسكرات خاصة في جزيرة قبرص وكان ذلك في عام 1948 ثم أُدخل في العام نفسه 70 ألف مهاجر كانوا في مخيمات المشردين اليهود في إيطاليا والنمسا بالإضافة إلى ألمانيا.

وفي عام 1949 وصل 100 ألف مهاجر لفلسطين بعدما غادروا أوطانهم الأصلية وكان ذلك أثناء سيطرة الاحتلال النازي عليهم، وبذلك تم وصول ما يقارب من 203 من آلاف من المهاجرين ينتمون إلى 24 دولة إلى فلسطين، وظلت الهجرات الجماعية من اليهود إلى فلسطين بنسب متفاوتة بين كل عام وعام.

وفي عام 1950 قاموا بسن قانون يُسمى بقانون العودة وهذا القانون يمنح كل يهودي الحق في العودة إلى إسرائيل.

إضافة إلى عام 1952 الذي تم فيه إصدار قانون الجنسية وهو ينص على أن كل يهودي إسرائيلي يتمتع بجنسية الدولة بمجرد أن تطأ قدميه في فلسطين.

وأثار هذا القرار غضبًا كبيرًا من الشعب الفلسطيني كما أن الشخصيات السياسية والعسكرية والدينية أيضًا رفضت رفض قاطع آنذاك وكان من بينهم مفتي القدس عز الدين القسام وأمين الحسيني ومن ثم عبدالقادر الحسيني
وكان هذا مَطلع لتقوم المقاومة الشعبية في فلسطين بالنشوء.

واختلفت مواقف الحكام العرب تجاه هذا المشروع فمنهم من قام بتأييد الفلسطينيين في أن يقوموا بتحقيق مصيرهم ومنهم كان كالصم البكم قاموا بالتزام الصمت وآخرين قاموا بمد يد العون لزعماء الحركة الصهيونية ليقوموا بإرضاء الحكومة البريطانية كالأمير فيصل بن الحسين الذي قام بالالتقاء مع حاييم وايزمان وهو رئيس المنظمة الصهيونية العالمية وغيره من الحكام.

أما عن الدول الغربية فقامت بالترحيب بالمشروع الصهيوني في فلسطين العربية فقاموا بدعم المشروع عسكريًا وماليًا مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى بريطانيا
حيث اعتبروا أن الدولة العبرية وهذا المشروع الصهيوني سيقومون بحماية مصالحهم في هذه المنطقة.

وحتى الآن مازالت فلسطين تحت الاحتلال لا تمل ولا تكل من طلب الحرية يسعون لآخر قطرة دماء لهم حفاظًا على أرضهم و جنسيتهم وما النصر إلا صبر ساعة إنه آت لا مفر هذا وعد من الله.

(وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم: 47]

يقول الله -عز وجل-: (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [آل عمران: 160].

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى