
توفير الغذاء قيمة اقتصادية مباشرة للمحافظة على التنوع الحيوي، هذا العبارة التي تشير إلى العلاقة المباشرة بين الغذاء والتنوع الحيوي. فهل أنتم تبحثون عن الإجابة الوافية عن هذا الموضوع؟ إذاً، عليكم أن تتابعوا هذا المقال، حيث سنركز على دراسة العلاقة بين التنوع الحيوي والغذاء وسنستقصي مدى قيمة اقتصادية مباشرة لتوفير الغذاء للمحافظة على هذا التنوع الحيوي.
تعريف الغذاء والتنوع الحيوي
تعتبر الغذاء هو كل ما يتناوله الإنسان لتغذية جسمه والحفاظ على صحته، ويعتبر التنوع الحيوي هو العدد الكبير من الكائنات الحية الموجودة في الطبيعة والتي تلعب دورًا هامًا في تنظيم النظام البيئي الطبيعي الذي يعيش فيه الإنسان. ويمتد التنوع الحيوي إلى العديد من الموارد الحيوية الأساسية مثل الطعام والماء والهواء، الأمر الذي يجعله ذو أهمية بالغة في توفير الحياة وصحة الإنسان والحفاظ على النظام البيئي.
ومن أجل الحفاظ على التنوع الحيوي وتوفير الغذاء، يتعين على الجميع بذل جهودهم في المساهمة في الحفاظ عليه وتحسينه بأفضل الطرق، سواء كان ذلك من خلال تشجيع زراعة المحاصيل المتنوعة في المزارع أو الحفاظ على بيئة صحية خالية من الملوثات والتي يمكن للحيوانات والنباتات والكائنات الحية الأخرى العيش فيها بحرية.
ويمكن للجميع أن يساهم بشكل كبير في الحفاظ على التنوع الحيوي عن طريق تغيير بعض العادات اليومية، على سبيل المثال الحفاظ على نظام غذائي متوازن وصحي أو تقليل استخدام المواد الكيميائية الضارة في المنازل والمزارع، كما يمكن للأفراد أن يختاروا الأغذية التي تُنتج بطريقة الزراعة العضوية والتي تحافظ على التنوع الحيوي.
وبالتالي، يعود الحفاظ على التنوع الحيوي إلى مصلحة الإنسان، فالعناية بالبيئة وتوفير الغذاء يؤدي إلى قيمة اقتصادية مباشرة والحفاظ على التنوع الحيوي يمنح الإنسان حياة أفضل وأكثر صحة. كما يؤدي ذلك إلى تعزيز التنمية المستدامة وتوفير بيئة صحية للحيوانات والنباتات والإنسان على حد سواء.
أهمية توفير الغذاء للحفاظ على التنوع الحيوي

تعد أهمية توفير الغذاء في الحفاظ على التنوع الحيوي من أهم النقاط التي يجب التركيز عليها، فالغذاء هو مصدر الطاقة الأساسي للإنسان والكائنات الحية الأخرى، وقد يؤدي تقلص مصادر الطعام إلى تدهور التنوع الحيوي. وعلاوة على ذلك، فإن تحسين توفير الغذاء يقلل من الضغط على المصادر الطبيعية بسبب تعزيز التنوع الحيوي.
ويمكن تحقيق هذا التحسين من خلال دعم الزراعة المستدامة وتحسين جودة التربة وتوفير المزيد من مصادر الطعام المستدامة، كما يمكن تحقيق ذلك من خلال التوعية والتثقيف حول قيمة التنوع الحيوي وأهمية الحفاظ عليه.
وكما قال جيمس إيه. جيرفين الخبير في المناخ، “لا يمكن للمجتمع الإنساني أن ينجح في الحفاظ على الأنواع الحية والتنوع الحيوي الذي يعتمد عليه بمجرد الأكل والشرب والتنفس. إنه يعتمد على الدعم المستمر لمكونات الأنظمة الإيكولوجية التي تعيد تجديد تلك الأنواع وتزودنا بالخدمات البيئية الملحة”.
لا يمكننا تحقيق نجاح حقيقي في الحفاظ على التنوع الحيوي إلا بمنحه الأهمية التي يستحقها والعمل بشكل مستمر لتحسين توفير الغذاء والحفاظ على البيئة التي تدعمه.
التأثير الاقتصادي للحفاظ على التنوع الحيوي

يتعلق التنوع الحيوي بالحفاظ على أشكال الحياة المختلفة في الطبيعة، بما في ذلك النباتات والحيوانات والميكروبات. ومن المهم جدًا الحفاظ على هذا التنوع الحيوي للحفاظ على الطبيعة بصفة عامة والوقاية من الكوارث البيئة في المستقبل. ولكن هناك أيضًا تأثير اقتصادي لهذا الحفاظ على التنوع الحيوي. فبحسب الأمم المتحدة، يمكن أن يؤدي الحفاظ على التنوع الحيوي إلى تحقيق فوائد قيمتها تريليونات الدولارات سنويًا. وهذه الفوائد تتراوح من استخدام المواد الخام المتنوعة، إلى الحفاظ على الأنظمة الإيكولوجية التي تدعم الزراعة وصيد الأسماك والسياحة والطاقة. وقالت الأمينة التنفيذية لأمانة اتفاقية التنوع البيولوجي كريستيانا باسكا بالمر: “إذا لم نحافظ على التنوع الحيوي، فلن نتمكن من تحقيق الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية”.
العوامل التي تؤثر على التنوع الحيوي

العديد من العوامل تؤثر على التنوع الحيوي في المناطق المختلفة. ومن بين هذه العوامل، نجد:
– تغير المناخ: حيث يؤدي التغير في درجات الحرارة والأمطار إلى تغييرات في التوزيع الجغرافي للنباتات والحيوانات.
– التلوث: حيث يعد التلوث من أهم العوامل التي تؤثر على التنوع الحيوي، فجميع أنواع التلوث تؤثر على الكائنات الحية، بما في ذلك تلوث الماء والهواء والتربة.
– تدمير الموائل الطبيعية: حيث يؤدي التدمير البشري للبيئات الطبيعية إلى فقدان الموائل الحيوية وتخريب النظم الإيكولوجية.
– زيادة النمو السكاني: حيث يؤدي زيادة عدد السكان إلى زيادة الطلب على الموارد الطبيعية وتقليل المساحات الخضراء، مما يتسبب في فقدان التنوع الحيوي.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور دلشاد أتتاري، المدير الإقليمي لصندوق الحياة البرية العالمي: “عندما نحمي التنوع الحيوي، فإننا نحمي الكائنات الحية التي تؤمن لنا الطعام والأدوية والهواء النقي والماء الصالح للشرب. لذلك على الجميع المشاركة في حفظ التنوع الحيوي بمختلف الطرق الممكنة، ومنع التصرفات الضارة التي تؤثر عليه، حتى يستمر ذلك التنوع للأجيال القادمة”.
أهمية البيئة في توفير الغذاء والحفاظ على التنوع الحيوي
الأماكن الطبيعية والنظم الإيكولوجية هي المنابع الأساسية للغذاء والمياه والهواء النقي. وهي تلعب دورًا حيويًّا في رفاه الإنسان والحياة البرية والزراعية. حيث إنّ النظم الإيكولوجية تلعب دورًا رئيسيًّا في توفير الموارد الطبيعية الأساسية التي يستند إليها الأفراد والمجتمعات لتحسين مستوى العيش الخاص بهم. وتؤكد الأمم المتحدة على أن المحافظة على الأنظمة الإيكولوجية يساهم في تحقيق التنمية المستدامة ، حيث أنّ النباتات والأنواع الحيوانية يلعب كلاهما دوراً هاماً في الإنتاج الغذائي. ولا يمكننا تحسين جودة الحياة بدون الحفاظ على الأنظمة الإيكولوجية والحفاظ على التنوع الحيوي.
وكما أشارت الأمم المتحدة، فإن السلام والأمن والنمو المستدام يتوقفان على المحافظة على التنوع الحيوي والنظم الإيكولوجية. لذلك يجب علينا جميعًا المساهمة بشكل فعال في الحفاظ على النظم الإيكولوجية والتنوع الحيوي ومن ضمنها:
– دعم التدابير المتخذة لحماية البيئة، وخاصة المناطق الطبيعية الحيوية والأصلية.
– التشجيع على الممارسات الزراعية المستدامة، مثل الزراعة العضوية والزراعة بدون استخدام المبيدات الحشرية.
– تعزيز الوعي بأهمية النباتات والأنواع الحيوانية ودورها في الحياة الإنسانية.
– المساهمة في حماية الأنواع المهددة بالانقراض والأصلية.
– الإسهام في الحفاظ على منابع المياه ونظمها الإيكولوجية.
فعند اتخاذ هذه التدابير، نساهم جميعاً في المحافظة على التنوع الحيوي والنظم الإيكولوجية، وبالتالي تعمل على تحسين جودة الحياة والحفاظ على مستوى الرفاهية للأجيال الحالية والمستقبلية.
الأنواع المهددة بالانقراض بسبب تدمير التنوع الحيوي
يشكل تدمير التنوع الحيوي خطرًا جديًا على الأنواع الحية في كل أنحاء العالم، ويؤدي إلى انقراض العديد منها. يؤكد الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة أن حوالي 12% حتى 30% من الأنواع المعروفة مهددة بالانقراض، مما يعني أن حوالي مليون نوع من الأنواع الحية الحالية على وشك الانقراض في المستقبل القريب. يعتبر تدمير التنوع الحيوي ناتجًا عن تنمية البشر في المساحات الطبيعية وتغير المناخ، وهذا يؤثر بشكل مباشر على الأنواع المختلفة في العالم. وكلما تفاعل البشر مع النظام الإيكولوجي، كلما زادت فرصة النجاة للأنواع الحية المختلفة. حيث أن كل نوع من الحيوانات والنباتات يؤدي دورًا هامًا في النظام الإيكولوجي الكامل، ولتفادي انقراض الأنواع المهددة يجب على الجميع المساهمة في الحفاظ على التنوع الحيوي.
الدور المحتمل للمجتمع المدني في الحفاظ على التنوع الحيوي
يمكن للمجتمع المدني أن يلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على التنوع الحيوي، وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات الملموسة والفعالة. فمن خلال المشاركة النشطة للفرد في هذا الشأن، يمكن تعزيز السلوكيات البيئية ونشر الوعي المتعلق بأهمية الحفاظ على التنوع الحيوي.
ومن أهم الأدوار التي يمكن للمجتمع المدني تحملها في هذا الصدد:
– دعم المبادرات التي تركز على الحفاظ على التنوع الحيوي، والمشاركة الفعالة في دعم الحملات البيئية التي تستهدف زيادة الوعي المجتمعي.
– تشجيع الحكومات والشركات، وإيجاد الحلول الملائمة البيئية، وتطوير برامج وسياسات مستدامة تحمي وتحافظ على الحياة البرية والنظم الإيكولوجية.
– العمل على تخفيف الإنسان من آثار النشاط البشري السلبية، ومحاولة الحد من عامل التأثير السلبي من خلال تشجيع استخدام وسائل النقل البديلة للسيارات وزيادة الاستدامة في استخدام الموارد الطبيعية.
وفي النهاية، يجب على المجتمع المدني العمل بشكل متواصل من أجل حماية النظم البيئية والتنوع الحيوي، وإلى جانبها قادة الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات البيئية بالتعاون مع بعضهم البعض، لنتمكن من تحقيق أهدافنا المشتركة في الحفاظ على البيئة الصحية. كما قالت دولة الإمارات العربية المتحدة “ترك البيئة في الحالة التي نجدها اليوم يعني ضياع فرصة للأجيال القادمة للاستمتاع بما يمكن أن نستفيده منها اليوم”.
التحديات التي تواجه الحفاظ على التنوع الحيوي
الحفاظ على التنوع الحيوي يواجه العديد من التحديات والمشاكل التي تتطلب حلولًا فعالة ومستدامة، ومن أبرز هذه التحديات:
• تدمير الموائل الطبيعية: حيث يتم تدمير الأراضي والغابات لصالح الزراعة والاستغلال الصناعي، مما يؤثر على التوازن البيئي ويؤدي إلى انقراض الكثير من الكائنات الحية.
• التلوث: حيث يسبب التلوث بجميع أشكاله (الهواء، الماء، التربة) تدهورًا في الأنظمة البيئية وتأثيرات سلبية على الكائنات الحية.
• تغير المناخ: مما يؤثر على توازن النظم البيولوجية ويؤدي إلى انقراض الكثير من الكائنات الحية وتاثر سلباً على احتياجات الإنسان في المواد الغذائية.
• الحروب والنزاعات المسلحة: التي يتم فيها تدمير البنية الأساسية للموائل الطبيعية وانتهاك حقوق الإنسان.
• الضغط الزائد على الموارد: من خلال الاستغلال الزائد للثروات الطبيعية، وتربية الحيوانات الضخمة التي تستهلك الموارد بكميات كبيرة جداً.
ومن أجل التغلب على هذه التحديات، يجب علينا السعي إلى تعزيز الوعي البيئي وتفعيل البرامج والمبادرات الحكومية والمجتمعية التي تتناول قضايا الحفاظ على التنوع الحيوي، وبمساهمة الأفراد في تعزيز الحفاظ على التنوع الحيوي من خلال زيادة استهلاك الأطعمة العضوية ودعم الصناعات المتجددة. كما ذكر، تعمل مجموعة البنك الدولي في أكثر من 170 بلدًا لمساعدة الحكومات والشعوب في جهودها الرامية إلى التصدي للمشاكل البيئية والتغيرات المناخية، وتساعد البيانات والإحصاءات في كشف التأثيرات السلبية على البيئة وتحديد الحلول المناسبة.
أمثلة لنجاحات في الحفاظ على التنوع الحيوي
هناك العديد من الأمثلة الناجحة على الحفاظ على التنوع الحيوي. فمن خلال التعاون بين الحكومات والمؤسسات الخاصة والمجموعات المحلية، يمكن أن يتم الحفاظ على البيئة وكل الكائنات الحية التي تعتمد عليها.
– تجربة تاميل نادو في الهند التي عملت على إعادة التحريج من جديد وزيادة عدد الأشجار في المنطقة.
– برامج تعزيز الزراعة المتنوعة وزيادة استخدام المحاصيل المحلية التي تحمي التنوع البيولوجي مثلما حدث في جزيرة ساموا.
– جهود إنشاء محميات طبيعية مثل حديقة الفهد في جنوب أفريقيا التي تمكنت من إنقاذ حيوان الفهد المهدد بالانقراض.
– استخدام تقنيات الزراعة العضوية والزراعة الصناعية المستدامة والمحافظة على التنوع الحيوي في المناطق الريفية مثلما تم في بورتوريكو.
– خطة حفظ التنوع الحيوي في أستراليا التي اشتملت على إنشاء شبكة من المحميات وحماية الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض.
تهدف الإنتفاضة الشعبية في فلسطين إلى ضرب الاقتصاد الإسرائيلي
كما أن المجتمع المدني يلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على التنوع الحيوي من خلال التوعية والتدريب والحملات الإعلامية التي تساعد على تشجيع الناس للمشاركة في هذه الجهود. كما يذكر الدكتور جوي شارما، رئيس الجمعية الدولية للحفاظ على التنوع البيولوجي: “تحافظ الأعمال والفردوس على البيئة، وعندما نحمي البيئة، نحافظ على المصادر الطبيعية التي نعتمد عليها للحصول على الغذاء والطاقة والمياه”.
كيف يمكن للأفراد المساهمة في الحفاظ على التنوع الحيوي.
تعد الحفاظ على التنوع الحيوي مسؤولية المجتمع بأسره، وتحتاج إلى مساهمة الجميع، فبدون التنوع الحيوي، يمكن أن تختفي كثير من النباتات والحيوانات، مما يؤثر سلباً على الإنتاج الغذائي والنظم الإيكولوجية المحيطة بنا. ومن هذا المنطلق، نقدم لكم عشر طرق بسيطة وقابلة للتطبيق للمساهمة في الحفاظ على التنوع الحيوي:
– تخفيف استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية الصناعية.
– التبرع لمنظمات تهتم بالمحافظة على التنوع الحيوي والبيئة.
– تقليل إهدار الطعام والاستفادة من النفايات الغذائية من خلال إعادة التدوير والتحويل.
– زراعة نباتات صديقة للبيئة وغير معرضة للانقراض.
– توفير الطاقة والمياه واستخدام الطاقة النظيفة.
– دعم الحدائق والمحميات الطبيعية والمناطق الريفية.
– الحد من الاستخدام الزائد للبلاستيك والمواد الضارة.
– الترويج للتعليم والتوعية بأهمية حفظ التنوع الحيوي.
– الشراء من الشركات والموردين الذين يلتزمون بممارسات صديقة للبيئة.
– القيام بنشاطات التنظيف في المناطق العامة.
عندما نعمل معًا كمجتمع، يمكننا المحافظة على التنوع الحيوي والحفاظ على الأنظمة الإيكولوجية الصحية وإيجاد بيئة صحية للحيوانات والنباتات والبشر. كما يقول إليزابيث ماروما مريما، الأمينة التنفيذية لاتفاقية التنوع البيولوجي، “تحتاج البيئة إلى جميعنا، وجميعنا بحاجة إلى البيئة”.
عملية تبادل المنتجات الإقتصادية المختلفة عن طريق البيع والشراء








